شادية تغني افتتاحية توفيق الحكيم لـالأهرام

حكايات فنية يكتبها‏:‏مصطفي الضمراني في‏6‏ أكتوبر‏:73‏
إجراءات أمنية مشددة تمنعه من الدخول‏..‏ فيهــدد بطلب بوليــس النجــدة لدخـــول الاستـــديو
تسجيل بسـم الله الله أكبــر بكــــــــــــــورال مــن العمـــال والسعـــــاة
وجدي الحكيم يبلغ رئيس الإذاعة بالموقف ود‏.‏ عبد القـادر حاتم يسمح له بالدخول
شادية تغني افتتاحية توفيق الحكيم لـالأهرام
انتفض الموسيقار بليغ حمدي من سرير نومه علي صوت شقيقته صفية وهي تندفع إلي غرفته لإيقاظه والفرحة تكاد تقفز من عينيها اصح يابليغ قوم إحنا انتصرنا‏..‏ الجيش عبر يابليغ اسمع الراديو‏,‏ ويستمع بليغ إلي صوت المذيع هنا القاهرة‏,‏ إليكم البيان التالي الذي صدر عن القيادة العامة للقوات المسلحة في يوم السبت العاشر من رمضان الموافق‏6‏ أكتوبر‏73‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏,‏ نجحت قواتنا المسلحة في عبور قناة السويس علي طول خط المواجهة وتم الاستيلاء علي منطقة الساحل الشرقي للقناة‏,‏ وتواصل قتالها مع العدو بنجاح‏,‏ وقامت قواتنا البحرية بحماية الجانب الأيسر لقواتنا علي ساحل البحر المتوسط‏,‏ وقامت بضرب الأهداف المهمة للعدو‏,‏ وعلي الساحل الشمالي لسيناء وأصابتها إصابات مباشرة‏..‏ هنا القاهرة‏,‏ ولم يتمالك بليغ نفسه من الفرحة وهو يجلس القرفصاء أمام الراديو ليواصل الاستماع إلي بيان آخر‏..‏ هنا القاهرة بسم الله الرحمن الرحيم‏,‏ لقد عبرت قواتنا المسلحة قناة السويس علي طول خط المواجهة‏,‏ وتم الاستيلاء علي منطقة الساحل الشرقي للقناة‏,‏ وتم رفع العلم المصري فوقها‏,‏ واعترفت إسرائيل رسميا بعبور القوات المصرية إلي الضفة الشرقية للقناة‏,‏ وانتقل الرئيس محمد أنور السادات إلي قيادة القوات المسلحة لمتابعة الموقف‏,‏ وليكون علي اتصال دائم بسير الحركة‏,‏ وبيان ثالث‏..‏ هنا القاهرة‏,‏ نفذت قواتنا الجوية مهامها بنجاح وأصابت العدو إصابات مباشرة وعادت قواتنا جميعها إلي قواعدها سالمة‏,‏ وينظر بليغ من شرفة شقته ليجد الجماهير خرجت إلي الشارع رجالا ونساء وشبابا وأطفالا يهللون ويكررون الله أكبر انتصرنا‏,‏ والناس يعانقون بعضهم البعض والزغاريد تملأ شقق العمارة‏,‏ ويسرع بليغ مرتديا ملابسه وممسكا بعوده لينزل إلي سلم العمارة ليستقل سيارته متوجها إلي مبني الإذاعة والتليفزيون وأصداء بيانات النصر تملأ عقله وقلبه‏,‏ وقد اختمرت في ذهنه إرهاصات أغنية يعبر فيها عن نصر أكتوبر وفرحة الشعب بهذا النصر العظيم لتسجيلها فورا لكي تسمعها الجماهير‏,‏ وقد تكونت لديه الجملة الموسيقية والشكل الموسيقي بكلمة بسم الله الرحمن الرحيم‏,‏ ومن خطب الرئيس السادات التي كان يستمع إليها ويستهلها الرئيس بكلمة بسم الله‏.‏
أبواب الإذاعة المغلقة
يكتشف بليغ عند وصوله إلي مبني الإذاعة والتليفزيون أن جميع الأبواب مغلقة تنفيذا لإجراءات أمنية لحين صدور تعليمات أخري ويندهش بليغ ويدق بكفي يده الباب الزجاجي‏,‏ الباب الرئيسي للمبني ويحضر إليه مسئول الأمن ليخبره بالتعليمات‏,‏ فيقول له بليغ أنا عايز أدخل أسجل فرحة الشعب بالنصر‏,‏ فيرفض مسئول الأمن ويكرر له أن التعليمات واضحة ولا يستطيع مخالفتها‏,‏ فيصر بليغ علي الدخول موجها كلامه إلي موظف الأمن الذي أبلغ قائده بالموقف‏,‏ ويحضر المسئول الأعلي الذي يعرف مشاعر بليغ وإصراره علي الدخول ويرفض المسئول الكبير طلبه فيطلب منه الاتصال بصديقه وجدي الحكيم مراقب الموسيقي والغناء‏,‏ الذي يؤكد لبليغ أن التعليمات واضحة ويعز علي وجدي الحكيم موقف صديقه بليغ‏,‏ فيتصل علي الفور برئيس الإذاعة بابا شارو محمد محمود شعبان‏,‏ ويصر بليغ علي رفض هذه التعليمات ويدق بكفيه علي الباب الزجاجي مرة أخري محذرا رجال الأمن بأنه إذا لم يسمحوا له بالدخول سيتصل ببوليس النجدة‏,‏ ويصل الأمر إلي وزير الإعلام د‏.‏ محمد عبدالقادر حاتم الذي كان يباشر سير المعركة من مكتبه وتنفيذ كل التعليمات الصادرة إليه من القيادة السياسية‏,‏ ويعرف في نفس الوقت بليغ ومشاعره الوطنية وحب البلد الذي يسيطر عليه من شعر رأسه لأخمص قدميه‏,‏ فيصدر تعليمات إلي رئيس الإذاعة وإلي أمن المبني بالسماح لبليغ بالدخول وتسجيل ما يريد من أغنيات وتصل التعليمات إلي وجدي الحكيم ويزف الخبر إلي بليغ الذي يصعد مسرعا حاملا عوده وبعض النوت الموسيقية إلي الطابق السابع علي قدميه دون انتظار الأسانسير ليجد وجدي في انتظاره‏,‏ وقد اتصل بالهندسة الإذاعية ومهندس الصوت لتسجيل أغنيات النصر وفقا للتعليمات الصادرة من وزير الإعلام‏.‏
بسم الله بكورال عمال المبني
ويجلس بليغ في الاستديو ويحضر إليه الشاعر عبدالرحيم منصور علي الفور ويكون بليغ قد كتب النوتة الموسيقية بالشكل العام للحن والجملة الموسيقية للكورال الموستوحاة من كلمة بسم الله التي سمعها بليغ من خطابات الرئيس وأصوات المذيعين في بدايات البيانات العسكرية‏,‏ ويتم تركيب الكلام علي اللحن وتظهر مشكلة في غاية الصعوبة وهي عدم وجود الكورال الذي لا يمكن استدعاؤه الآن أو حتي مجرد الاتصال به‏,‏ وتبدو في ذهن وجدي الحكيم فكرة استدعاء عدد كبير من العمال والسعاة في المبني ليختبر بليغ أصواتهم ويختار من بينهم من يشاء‏,‏ ويقتنع بليغ بالفكرة ويمتلئ استديو‏46‏ بالعمال والسعاة الفرحين بالنصر وأصواتهم تجلجل في الاستديو‏,‏ ويفرح بليغ بهم بعد أن اختار حوالي عشرة أصوات من بين حوالي ثلاثين صوتا تجمعوا في الاستديو‏,‏ ويغني بليغ أمامهم كلمات عبدالرحيم منصور ويلقنهم الجملة الغنائية التي تتكرر دائما ويحفظونها عن ظهر قلب
بسم الله الله أكبر بسم الله بسم الله الله أكبر بسم الله
بسم الله ونحيي جنودنا بسم الله بسم الله ونهني جنودنا بسم الله
ونقول يارب‏..‏ النصرة تكبر بسم الله الله أكبر بسم الله
ويصل شريط بسم الله إلي التليفزيون الذي يذيعه علي الفور في نفس اليوم وبلقطات حية ومشاهد مصورة من قلب المعركة‏,‏ قام التليفزيون بعبقرية فائقة من خلال أحد مخرجيه الكبار بتركيب صور الجنود المصريين وهم يعبرون قناة السويس علي الزوارق المطاطية إلي أن يصلوا إلي شرق القناة ويرفعوا الأعلام المصرية فوق رمال سيناء وأصوات الكورال تجلجل كلمات الأغنية بسم الله الله أكبر بسم الله‏,‏ فتشعر بأن التليفزيون سافر بأجهزته وأدواته إلي هناك وقام بتصويرها‏,‏ لكن الحماسة الوطنية والفرحة التي غمرت كل المشتغلين بجهاز الإعلام في ذلك اليوم‏,‏ جعلت كل إعلامي في الإذاعة والتليفزيون يؤدي دورا وطنيا يتوافق مع مشاعره‏,‏ فهذا يقدم تعليقا قويا لنجاح الجيش المصري‏,‏ وآخر يذيع بحماسة بالغة نشرة الأخبار‏,‏ وثالث يبحث في إبداع إعلامي آخر يشارك به زملاءه في هذا الشعور الجياش بحب الوطن‏,‏ وتزداد فرحة بليغ حمدي حين شاهد أغنيته مصورة في التليفزيون واستمع إليها في الإذاعة‏,‏
**ويصدر عدد الأهرام في اليوم الثاني لنصر أكتوبر وقد تصدرت صفحته الأولي افتتاحية الكاتب الكبير توفيق الحكيم بعنوان عبرنا الهزيمة ويقرأها بليغ حمدي ويتوقف أمام سطورها الأولي التي يقول فيها الحكيم‏:‏ لقد عبرنا الهزيمة بعبورنا إلي سيناء‏,‏ ومهما تكن نتيجة المعارك‏,‏ فإن الأهم هي الوثبة وهي المعني بأن مصر هي دائما مصر‏,‏ تحسبها الدنيا قد نامت‏,‏ لكن روحها لا تنام‏,‏ وإذا هجعت قليلا فإن لها هبة‏,‏ ولها زمجرة ثم قيام‏,‏ وقد هبت مصر وزمجرت‏,‏ ليدرك العالم أنها في لحظات تستطيع أن تصنع المستحيل‏,‏ فلا ينخدع أحد في هدوئها وسكونها‏,‏ وكانت يدها التي بدرت منها حركة اليقظة هي رئيسها الوطني وجيشها المقدام‏,‏ وسوف تذكر مصر في تاريخها هذه اللحظة بالشكر والفخر معا‏,‏ عبرنا الهزيمة بالروح‏,‏ وشعرنا بأن شيئا بداخلنا قد حدث‏,‏ وها نحن نتنفس هواء الحرية والانطلاق‏,‏ وهذا هو المعني الحقيقي للانتصار‏,‏ وينبهر بليغ بهذه الافتتاحية وإلي جواره ـ وهو يقرأ الأهرام ـ وجدي الحكيم ليقول له‏:‏ ما رأيك ياوجدي لو عملنا الافتتاحية دي أغنية‏,‏ فيبتسم وجدي ويقول والله دي فكرة ممتازة‏,‏ وها هو عبدالرحيم منصور موجود‏,‏ وفي الحال تتحول الافتتاحية إلي أغنية تكتب في لحظات ويجلس بليغ وعبدالرحيم ويتم اللحن الذي تقول كلماته
عبرنا الهزيمة‏..‏ يامصر ياعظيمة وباسمك يابلادي‏..‏ تشتد العزيمة
باسمك يابلادي‏..‏ عدينا القنال باسمك ياحبيبي‏..‏ مصر ياحبيبتي
أمي ياحبيبتي‏..‏ ح اسمي النضال
وتكتمل داخل الاستديو كلمات الأغنية واللحن ويستعد مهندس الصوت للتسجيل‏,‏ ولكن تظهر مشكلة مهمة يكتشفها وجدي الحكيم كإعلامي محترف ليقول لبليغ ذوقيا لازم تستأذن توفيق الحكيم قبل التسجيل حتي لا يفاجأ بأن افتتاحيته لـ الأهرام تحولت إلي أغنية دون إذنه‏,‏ ويمكن أن يعترض وتحصل مشكلة‏,‏ وهو بالطبع لا يمانع‏,‏ لكن من الأفضل أن تعرض عليه الموضوع‏,‏ وطلب مني وقتها وجدي أن أتصل بالأستاذ توفيق لأخذ موعد‏,‏ ورحب بذلك وحدث لقاء بين توفيق الحكيم في مكتبه بالأهرام ووجدي وبليغ حمدي اللذين عرضا عليه المشكلة ولم يمانع‏,‏ واعتبر ذلك مشاركة منه لفرحة الشعب بانتصار أكتوبر‏,‏ وقال أنا موافق‏,‏ لكن لي شرطا واحدا‏,‏ فقال له بليغ ووجدي نحن موافقان علي كل شروط أستاذنا الكبير توفيق الحكيم‏,‏ وعقب الحكيم هذا الشرط ليس متعلقا بأية ماديات‏,‏ قال وجدي إحنا عارفين قال الحكيم شرطي وأن أعرف مسبقا مين اللي هيغني هذه الأغنية‏,‏ فقال وجدي وبليغ في نفس واحد إيه رأي أستاذنا في الفنانة الكبيرة شادية‏,‏ فقال الحكيم أهو ده الكلام‏,‏ أنا موافق بالثلث‏,‏ هو فيه صوت أحسن من صوت شادية‏,‏ دي أحسن مطربة غنت في حب الوطن‏,‏ ياللا اتوكلوا علي الله وياريت بعد التسجيل تعطوني نسخة بصوت شادية ولحن بليغ‏,‏ فقال وجدي النسخة ح تكون عندك قبل إذاعتها‏,‏ وهذا ما تم بالفعل وعاد وجدي وبليغ إلي الاستديو واتصلا فورا بالفنانة شادية وعرضا عليها ما حدث فرحبت وقالت‏:‏ هذا شرف كبير أن أغني افتتاحية توفيق الحكيم للأهرام‏,‏ ودخلت الاستديو وبعد ثلاث بروفات تم التسجيل ليأخذ وجدي نسختين‏,‏ الأولي إلي رئيس الإذاعة بابا شارو‏,‏ التي أرسلها علي الفور إلي الدكتور حاتم‏,‏ والثانية إلي الأستاذ توفيق الحكيم‏,‏ ونسخة ثالثة تسلمها مخرج التليفزيون وكان مراقب المنوعات محمد سالم في انتظارها‏,‏ وتم تصوير الأغنية بلقطات حية من عبور قواتنا المسلحة وتجسد هذا العبور بما يتماشي مع الافتتاحية لتذاع في التليفزيون والإذاعة‏.‏
حافظوا علي بليغ حمدي
ويستمع الأستاذ توفيق الحكيم إلي النسخة التي بعث بها إليه وجدي الحكيم‏,‏ وكان سعيدا باللحن والكلمات‏,‏ وأداء الفنانة الكبيرة شادية‏,‏ كما استمع إلي نفس الأغنية عدة مرات من الإذاعة وشاهدها مصورة في التليفزيون‏,‏ وأحدثت الأغنية نجاحا مدويا وتلقي توفيق الحكيم العديد من التهاني من أصدقائه الكتاب والأدباء والقراء الذين قرأوا افتتاحيته للأهرام‏,‏ وفي حديث بإحدي الصحف مع الحكيم بعد نجاح الأغنية قال‏:‏ إن أداء الفنانة شادية كان عظيما وأعطي للافتتاحية مذاقا خاصا‏,‏ ولم يكن أمامه من قول للصحفي الذي أجري معه هذا الحوار القصير في شوال‏,‏ حيث طلب منه المحرر الإجابة عنه وهو ماذا تقول بعد سماعك لهذه الأغنية في الإذاعة والتليفزيون؟ قال الحكيم‏:‏ أقول كلمة واحدة للمسئولين في وزارة الإعلام ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية‏,‏ وأيضا وزارة الثقافة‏,‏ حافظوا علي بليغ حمدي‏.‏

قصة رائعة تنم عن حب العمل وحب الوطن والاخلاص والتعاون


ولذلك كانت النتيجة رائعة


تحياااتى عاشقة شادية

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
----
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

ياسلام على زمان وزمن الفن الجميل هو ده الفن والفنان اللى حقيقى وبجد مش ادعاء ودعاية

تسلمين اختى عاشقة شادية


تحيااااتى